الأربعاء، 23 أغسطس 2023

حياة رجل الله البارّ الأب مبارك حليحل الحاجّ البسكنتاويّ

 






حياة

رجل الله البارّ

الأب مبارك حليحل الحاجّ البسكنتاويّ

الرّئيس العامّ على الرّهبانيّة اللبنانيّة

1779- 1864

توطئة - حياة الرّاهب البارّ - وظائفه وفضائله - أعماله وعجائبه - تسجيل وفاته - من رسائل الأب العامّ جعجع إلى البطريرك مسعد بخصوصه - لوائح بالعجائب الّتي اجترحها بعد موته - البطريرك مسعد يأمر بنقل جثمانه من المدفن العامّ إلى غرفة خاصّة – فتح الغرفة مرّتين – دير مار ساسين في بسكنتا - الأمراء اللمعيون - نبذة عن الرّهبان البسكنتاويّين.

بقلم الخورأسقف بطرس حبيقة

 النّائب البطريركيّ شرفًا والوكيل الأسقفيّ

 

بسكنتا

طبعة ثانية 2023

طبع بإذن الرؤساء

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

إنّ الحركة الثّقافيّة في بسكنتا والجوار الّتي تضمّ عددًا كبيرًا من المثقّفين في المنطقة في اختصاصات متعدّدة، قد كشفت النّقاب عن أعمال جليلة نادرة في الأدب والشّعر والفلسفة والعلوم والفنون، وعمدت إلى طباعتها وتوزيعها بالمجّان. وهي بعدما أعادت طبع كتاب تاريخ بسكنتا وأسرها الّذي ألّفه الخورأسقف بطرس حبيقة، النّائب البطريركيّ شرفًا والوكيل الأسقفي، وأعادت طباعة هذا الكتاب ثلاث مرّات ووزّعته مجّانًا مع منشوراتها الأخرى، تفخر بأن تطبع له أيضًا كتاب حياة رجل الله البارّ الأب مبارك حليحل الحاج البسكنتاوي وتوزّعه مجّانًا، وقد عمل الدّكتور منير معلوف على إعداد الطّبعة الثّانية. فلأنّ هذا الكتاب قد أصبح نادرًا، ونظرًا لأهمّيّته في توثيق حياة هذا الكاهن البارّ وذكر المعجزات الّتي جرت على يده؛ علاوة على توثيق تاريخ بسكنتا الكنسيّ، أردنا أن تبقى حياة هذا الرّجل التّقيّ العظيم نبراسًا يهتدي النّاس به إلى معرفة الله، ويقتدون بسيرته الصّالحة.

نشكر الرّهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة، والرّاهبات اللبنانيّات المارونيّات في دير مار ساسين في بسكنتا، ونشكر المهندس طوني روكس أبي كرم الّذي ساهم في طباعة هذا الكتاب القيّم، ونتعهّد بمواصلة هذه المسيرة لكي يبقى هذا النّور مضيئًا جميع المسالك الثّقافيّة والعلميّة والفنّيّة والدّينيّة. والله وليّ التّوفيق.

                                        الحركة الثّقافيّة في بسكنتا والجوار

                                                              الأمين العامّ

                                                               فرنسوا طانيوس حبيقة











 

تمهيد

في هذا الكتاب الّذي بات نادرًا، يوثّق العلّامة الخورأسقف بطرس حبيقة، النّائب البطريركيّ شرفًا والوكيل الأسقفيّ، حياة الأب مبارك حليحل الحاج، والعجائب الّتي اجترحها؛ إلى جانب تاريخ بسكنتا الدّينيّ في مدى قرنين: منذ النّصف الثّاني من القرن الثّامن عشر حتّى بداية النّصف الثّاني من القرن العشرين.  

من هو الخورأسقف بطرس حبيقة؟

ما نعرفه عنه باختصار أنّه وُلد سنة 1873 في بسكنتا. وتعلّم أوّلًا في مدرسة سيّدة الانتقال في بسكنتا بإدارة الآباء اليسوعيّين، ثمّ في مدرسة الآباء اليسوعيّين في زحلة. عاد بعدها إلى الإكليريكيّة الشّرقيّة التّابعة لجامعة القدّيس يوسف في بيروت، ثمّ إلى إكليريكيّة قرنة شهوان في مطرانيّة قبرص المارونيّة.

 

حياته الكهنوتيّة:

-      سيم كاهنًا في نيسان 1898 أمام مذبح سيّدة الانتقال في بسكنتا بوضع يد المطران بولس مسعد.

-      في 30 تمّوز 1907، عيّنه المطران بولس مسعد نائبًا أسقفيًّا للموارنة في معلّقة زحلة وملحقاتها.

-      سنة 1908 عُيّن نائبًا أسقفيًّا في بسكنتا ومنطقتها.

-      في 20 تمّوز 1920عُيّن قيّمًا عامًّا على أبرشيّة دمشق.

-      رُسم خورأسقفًا بتفويض من البطريرك الياس الحويّك.

-      نال لقب نائب بطريركيّ شرفًا في 16 كانون الثّاني 1945.

-      منحه البابا بيّوس العاشر لقب مونسنيور، ونال مكافآت وأوسمة عديدة. منها:

وسام القبر المقدّس برتبة فارس. ووسام المعارف العامّة الفرنسيّة برتبة ضابط. وصليب المحاماة عن الكنيسة والبابا. وميدالية المؤتمر المريميّ في روما سنة 1905. ووسام الاستحقاق اللبنانيّ. ووسام شجب الضّلالات العصريّة...

 

من آثاره الكتب التّالية:

-      "صلاة عيد القربان الأقدس بالسّريانيّة والعربيّة والفرنسيّة في الكنيسة المارونيّة".

-      فتى ولدَ للعظائم "البطريرك الماروني مار الياس بطرس الحويّك". سيرة حياته. المطبعة الكاثوليكيّة، 1931.

-      "تاريخ بسكنتا وأسرها". سنة 1946.

-      "الوحدة المسيحيّة". بحث دينيّ علميّ تاريخيّ. مطبعة العمّال اللبنانيّين، الحازميّة، 1949.

-      "حياة رجل الله البارّ الأب مبارك حليحل الحاج البسكنتاويّ". سنة 1952.

 

وقد جمع كتاب "الجواهر الغوالي" للمطران بطرس الفغالي ونسّقه وطبعه على نفقته الخاصّة سنة 1936. وله مقالات عديدة في اللاهوت والعقيدة والتّربية، وفي تاريخ البطريركين الياس الحويّك وأنطون عريضة، بالإضافة إلى مسرحيّتين للطّلّاب: "الفتية الثّلاثة"، و"شهْد العمل وحنظل الكسل"...

من مآثره:

-    أنشأ مدرسة داخليّة في بسكنتا عام 1906، وجعلها مجّانيّة في أيّام الضّيق والحروب وضمّ إليها مدرسة سيّدة الانتقال، وقد تخرّج في هذه المدرسة أكثر من ألف طالب. وتابع قسم كبير منهم دراسته فكان منهم أطبّاء وكُتّاب وشعراء ومحامون ورهبان وكهنة ومهندسون وموظّفون في إدارات الدّولة اللبنانيّة...

-    بنى في جوار مدرسته في بسكنتا كنيسة على اسم شفيعه القدّيس بطرس، سنة 1927، ووقف لها أملاكًا، وجعلها رعائيّة.

-    علّم سحابة نصف قرن حاملًا رسالتين: رسالة التّعليم الدّينيّ، ورسالة الثّقافة.

-    سنة 1947 وهب مدرسته مع بعض الأملاك المجاورة لها لجمعيّة إخوة المدارس المسيحيّة Frères des écoles chrétiennes. وما زالت هذه المدرسة تقوم بواجبها على أكمل وجه في التّعليم وتعميم الثّقافة والحفاظ على القيم الّتي أنشئت على أساسها. وتوفّي في 17 شباط سنة 1956.

فإنصافًا للتّاريخ، وتقديرًا للكاتب الخورأسقف بطرس حبيقة ووفاء لذكراه، عمدنا إلى إعادة كتابة هذا الكتاب القيّم بقسمَيه العربيّ والفرنسيّ، وتنسيقه وضبط ما هو ضروريّ. واخترنا له الغلاف المناسب لإعادة طبعه وتوزيعه مجّانًا تعميمًا للفائدة، بعدما طُبع أوّل مرّة في مطابع المرسلين اللبنانيّين في جونية - لبنان سنة 1952. فيكون هذا الكتاب متمّمًا أو ملحقًا لكتاب "تاريخ بسكنتا وأسرها" الّذي ألّفه، ونكون بهذا العمل قد ساهمنا في الحفاظ على توثيق التّاريخ الكنسيّ في منطقة بسكنتا والجوار، بالإضافة إلى التّعرّف إلى حياة الأب البارّ مبارك حليحل الحاج وعجائبه وإنجازاته.

الدّكتور منير معلوف

إعلان

 أصرّح وأصارح، وأجهر وأجاهر أنّ ما تحتويه هذه النّبذة بكلّيّتها وأجزائها، ومجموعها ومفردها، هو خاضع لحكم الكنيسة المقدّسة. وما جاء فيها من ألفاظ "قداسة وقدّيس وعجائب" وما أشبه، إنما يؤخذ بحسب استعمال العامّة وفهمهم، وليس بالمعنى الحصريّ القانونيّ الشّرعيّ، الّذي يعود أمر البتّ والحكم فيه إلى السّدّة البطرسيّة السّامية.

 

بسكنتا في غرّة تشرين الأوّل

 شهر سيّدة الورديّة المقدّسة                            الخورأسقف بطرس حبيقة

         1952

                             

توطئة

 

آليت على نفسي منذ أن بدأت حياتي الإنشائيّة، ألّا أدع سراجًا تحت مكيال، ولا زهرة في أدغال. فأنا جادّ منذ انطلق قلمي في ميدان الكتابة، منظومًا ومنثورًا، في نشر مآثر وفضائل وأعباق وأنوار العظماء والفضلاء والأتقياء، من رجالات هذا الوطن اللبنانيّ، الدينيّين والمدنيّين؛ لا تخليدًا لذكرهم، فهو خالد بآثارهم، وبما يتناقله عنهم الرّواة جيلًا بعد جيل؛ ولكن قيامًا بواجبي نحو كلّ رجل أطلّ على هذا العالم، فنفع أبناءه بالعمل والقدوة، واستحقّ أن يظلّ نصب بصائرهم وأبصارهم مقروءًا ومنظورًا ومشكورًا.

سرت على هذا السبيل، وهاءنذا اليوم ما أزال سائرًا متوكّئًا على عصا شيخوختي العاجزة، مستعينًا بنظارتيّ الكليلتين، وبما بقي لي من أرماق ضعيفة في البحث والتّنقيب. أقول هذا حتّى إذا قصّرت أو عثرت أو وقعت في هفوة، تكون لي معذرة عند القارئ الفاهم الخبير.

وعلى هذا، فقد أحببت اليوم، بمناسبة المساعي المطّردة والجهود المبذولة والدعاوى الملاحقة لتطويب رجال الله الأبرار الثّلاثة: الأب شربل مخلوف، والأب نعمة الله الحرديني والأخت رفقا الرّيّس، الرّهبان الموارنة اللبنانيّين العجائبيّين، وبمناسبة اهتمام الرأي العالميّ عامّة والمارونيّ خاصّة بدعاوى التّطويب هذه، أحببت أن أضع نبذة يسمح بها جهد الطّاقة، عن حياة أحد رجال الله الصّلحاء العجائبيّين، مواطني:

الأب مبارك حليحل الحاج

 الرّاهب والرّئيس العامّ اللبنانيّ المارونيّ

فأنقل أوّلًا ما اتّصل بيدي من تاريخ حياته بتصرّف، عن كتابي: "تاريخ بسكنتا وأُسَرِها"، وعمّا كتبه وسجّله شقيقي المرحوم الأباتي يوسف حبيقة بعد البحث والتّدقيق في روزنامات الأديرة المختلفة.

ثمّ أُتبع التّرجمة بما نقلته عن محفوظات الكرسيّ البطريركيّ المارونيّ، وأهمّه رسالتان من المغفور له الأب أفرام جعجع البشرّاوي، الرّئيس العامّ آنئذٍ على الرّهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة، كتبهما على أثر شيوع عجائب رجل الله المذكور بعد وفاته، في العام 1864، إلى البطريرك بولس مسعد. وأُلحقهما بأوراق ثبوتيّة، ذُكرت فيها بخطّه وعلى طريقته في التّقسيم والتّعبير بعضُ العجائب الشّائعة.

أنقل تينك الرّسالتين بحروفهما ولغتهما، وبحروف ولغة ملاحقهما. متوخّيًا بذلك حفظهما للتّاريخ بدون تصرّف ولا تصنيف، ولفت الأنظار الفاضلة والفاهمة إلى سيرة وعجائب وآثار رجلٍ بارّ، من فصيلة الرّجال الّذين تنفح بهم الرّهبانيّات المارونيّة هذا الوطن اللبنانيّ. ولا بدع، فتلك الرّهبانيّات وليدة طائفة عريقة في الإيمان الكاثوليكيّ الحقّ، مؤسّسة على صخرته البطرسيّة، وعلى جهود واستشهاد وعجائب الرّهبان، منذ عهد بانيها القدّيس العظيم "مارون النّاسك"، إلى عهد خليفته "البطريرك البطل القدّيس يوحنّا مارون"، وإلى الآن.

 

 

 

 

الأب مبارك حليحل الحاج البسكنتاوي

 (1779 – 1864)

أوّلًا. حياة المترجَم

نور سماويّ جميل بزغ في بسكنتا (لبنان)، في السّنة 1779. أبوه عبد النّور، سليل أسرة متشعّبة منثورة في البلاد اللبنانيّة، أنجب الفرعُ البسكنتاويّ منها كثيرًا من رجال الدّين والدّنيا، منهم الأخَوان سليم بك ونجيب بك الحاج من أقطاب الدّولة العثمانيّة، اللذان تقلّبا في مناصبَ خطيرة، والخوري عبد الله الحاجّ النّائب الأسقفيّ. والقسّ غسطين ضاهر حليحل، والأخت بريجيتا جهجاه، والأب مبارك الخوري عبد الله، خرّيج الإكليريكيّة اليسوعيّة، والأمّ مريم الخوري عبد الله، رئيسة دير مار ساسين في بسكنتا سابقًا. وغيرهم.

 

التّلميذ

أخذ مبادئ العلم في اللغتين العربيّة والسّريانيّة في بلدته بسكنتا. فكان درّيسًا وذكيًّا وملازمًا كنيسة الله، ومساعدًا للكهنة، كأنّما جاء العالمَ ليخدم ربّه، ويكون في خدمته وفي التّعبّد له، قدوةً للنّاس. فهذه الحياة المثاليّة في فتوّته أهّلته إلى أن يكون راهبًا بكلّ ما تكنّه الكلمة من معنًى.

 

المبتدئ

       كان أبواه تقيّين يعيشان معيشة قرويّة فاضلة، فلم يعارضا دخوله الرّهبانيّة اللبنانيّة في السّنة 1795، إذ كان في السّادسة عشر من عمره؛ فانخرط في سلكها واعيًا وفاهمًا وراغبًا.

وما إن اتّشح بثوب الابتداء، حتّى انصرف إلى العمل الشّاقّ المثمر في الدّير وفي الحقل بخاصّة. فلم يكن على سلوكه غبار، إلّا أنّه كان لا يمرّ عليه يوم من دون أن يعمل، ومن دون أن يقدّم حسابًا صريحًا عمّا يعمل. وقد كان في بعض الأحيان يتعمّد السّقوط في هفوة صغيرة ليتحمّل قصاصها بصبر. وطالما نسب إلى نفسه تقصيرًا وقع به غيره من المبتدئين رفاقه. ثم يعرف رؤساؤه أنّه لم يقع بهذا التّقصير، فيكافئونه على تضحيته ونكران ذاته. وبالنّتيجة، إنّه كان بسلوكه زهرة الدّير.

 

الرّاهب

ونذر المبتدئ نذوره الأخيرة باحتفال مع فريق من إخوته سنة 1797. فزادت طهارته عبقًا، وفضيلته سطوعًا، وضوعف اجتهاده، وكثرت أعماله الشّاقّة، فكأنّه قد صار راهبًا لا لكي يتقشّف ويزهد فحسب؛ بل ليكون أيضًا عاملًا نافعًا. وظلّ هكذا راهبًا أخًا بسيطًا سنواتٍ طويلة.

 

الكاهن

كان رؤسـاؤه يسجّلون عليـه مبرّاتِه وميزاتِه. فأرادوا مكافأته بترقيته إلى درجـة الكهنوت؛ لكنّه جرّب طويلًا أن يتملّص، لا من النّير الثّقيل الّذي أحبّ أن يلقوه على عاتقه، فإنه كان يحبّ الأنيار الثّقيلة، بل جرّب أن يتملّص من درجة الكهنوت لكونها في نظره رفعةً ومجدًا. ولم تشأ إرادة الله أخيرًا إلّا أن يصير كاهنًا فيخدم المذبح بالجهد نفسه الّذي كان به يخدم الحقل، ويُعنى بتقديس الآخرين ومساعدتهم في عمل خلاصهم، بالغيرة الّتي كان يبذلها في ممارسته الفضائل والمشورات الإنجيليّة، توصّلًا إلى الكمال الرّهبانيّ جهد طاقته، على رجاء الدّخول يومًا إلى فرح سيّده. ولهذا أرسله رؤساؤه إلى المدرسة الرّهبانيّة القائمة آنئذٍ في دير سيّدة ميفوق، فأكبّ على تحصيل العلوم الكهنوتيّة على معلّمين تضاهي معارفُهم فضائلَهم.

وبعدما قضى سني الدّرس بنجاح، رُقّي إلى الدّرجات الصّغيرة، أي المرتّليّة والقارئيّة والهوفديقنيّة.

وفي يوم الخميس الواقع في الخامس من شهر كانون الثّاني 1815، رقّاه البطريرك الكبير يوحنّا الحلو، كما هو مدوّن في سجلّ الرّسامات الخاصّ به، بوضع يده الطّاهرة، إلى درجتَي الشّماسيّة والأرخيديقنية، على مذبح السّيّدة والدة الله في دير ميفوق المبارك، وذلك أثناء الاحتفال بالقدّاس الإلهيّ في كنيسة السّيّدة العذراء بكرسيّه في قنّوبين.

وكان برفقته اثنان من إخوته ورفاقه في مدرسة ميفوق، أحدهما موسى المتينيّ الّذي اقتبل الدّرجتين المذكورتين مع درجة ثانية؛ والآخر جبرايل الشّبابي، الّذي اقتبلهما كذلك مع الدّرجات السّابقة لهما[1]. وقد عرفنا ذلك كلَّه بفضل حضرة صديقنا الخورأسقف مخايل الرجّي حافظ الخزانة والمكتبة البطريركيّة، فقد اهتدى إلى هذه الإفادة وأهداها إلينا، فله منّا الشّكر. ومن الله الأجر.

أمّا ارتقاء مترجَمنا إلى درجة القسوسيّة السّامية، أي الكهنوت، فلا يُعرف تاريخه بالحصر، ولا اسم الحَبر الّذي أولاه هذه الدّرجة، ويرجِّح صديقنا الخورأسقف مخايل الرّجّي أنّ ذلك تمّ في السّنة 1815 نفسها، بعد الرّسامتين المحكي عنهما بوقت وجيز. فهكذا كانت العادة في ذلك الزّمان كما يبان من سجلّ رسامات البطريرك الحلو وغيره. وأنه تمّ بوضع يد النّائب البطريركيّ في الرّوحيّات المطران يوحنّا مارون العضم الّذي رقّي إلى الأسقفيّة، وجُعل نائبًا روحيًّا في 8 تشرين الثّاني سنة 1814. أو بوضع يد البطريرك يوسف التّيّان الّذي كان قد استقال من البطريركيّة سنة 1809، والله أعلم.

على أنّ المترجَم، أثناء الدّراسة والاستعداد للكهنوت، لم يترك العمل المضنك، وكان جسمُه يزداد قوّة، ووجُه نضارةً وفتوّةً، ونفسُه قداسةً وكمالًا.

 

الموظّف

هرب المترجَم أيضًا من الرّئاسات بعد كهنوته، وكان مصمّمًا على أن يرفضها جميعًا لولا مخافتُه من أن يُرمى بالعناد والعصيان؛ على أنّ شعاره الأوّل كان الطّاعة. فبأمر الطّاعة، قبِلَ التّرؤّس على دير مار موسى في الدّوّار قرب ضهور الشّوير سنة 1824، فعمّر فيه وحسّن أرزاقه وزاد مواشيه ومقتنياته، وسعى لتكثير رهبانه، وكان رحومًا ورؤوفًا بشركائه، ولا تزال آثار جهوده في ذلك الدّير حتّى اليوم.

أمّا وظائفه الأخرى - ما عدا الرّئاسة العامّة الّتي حملته إليها الصّدفة في السّنة 1832- فهي رئاسة دير مار سركيس وباخوس في قرطبا سنة 1841، ووكالته على دير مار ساسين في بسكنتا بضع سنوات قبل وفاته. وبعد رئاسته العامّة، انتُخب مدبّرًا في مجمعين بإجماع آراء الرّهبان.

 

كيف صار رئيسًا عامًّا؟

قلنا: لم يكن هذا الرّجل البارّ منذ ترهّبه يطمح إلى الرّئاسات؛ بل كان جلّ اهتمامه بالعمل والصّلاة والتقشّفات. وقلنا إنّه كان يُقاد إلى كلّ رئاسة من رئاساته - قبل الرّئاسة العامّة وبعدها – مرغمًا وبحكم الطّاعة، ويَعُدّ ذلك تضحيةً، ويكدّ ويُجهد نفسه في سبيل التّحسين والعمران، وفي سبيل المحافظة على القوانين الرّهبانيّة وتطبيقها عمليًّا عليه وعلى الرّهبان الّذين كانت توكَل إليه العنايةُ بأمورهم الرّوحيّة والمادّيّة. فالدّير الّذي كان يسكنه راهبًا وكاهنًا ورئيسًا، كانت تتوفّر فيه الخيرات والبركات، ويعبق بين جدرانه أرجُ الطّهر والفضيلة. وعلى هذا، فقد جاء انتخابه للرّئاسة العامّة نتيجة للصّدفة كما سنرى.

 

خلاف على انتخاب الرّئيس العامّ

       كان الرّئيس العامّ على الرّهبانيّة اللبنانيّة الأب أغناطيوس بليبل، الّذي لبس الإسكيم من يد الأب نعمة الله النّجّار البسكنتاوي، وهو شقيق المطران عبد الله بليبل رئيس أساقفة قبرص آنذاك، من الأسرة البكفاويّة الشّهيرة، وكان قد مرّ على رئاسته المتوالية 23 عامًا.  

فلمّا دنا التئام المجمع العامّ في الرّهبانيّة اللبنانيّة سنة 1832، انقسمت الرّهبانيّة هذه المرّة إلى قسمين قويّين: الأوّل على رأسه الأب العامّ بليبل المذكور، يعضده شقيقه المطران عبد الله، والقاصد الرّسوليّ السّيّد يوحنّا بطرس لوزانا Losana؛ والثّاني على رأسه الأب أرسانيوس النّيحاويّ الشّهير، المدبّر الأوّل في ذلك العهد، ومعه الأب طوبيّا عون الدّاموريّ، قيّم الكرسيّ البطريركيّ (مطران أبرشيّة بيروت في ما بعد)، يشدّ أزر هذين الأخيرين البطريرك يوسف حبيش، والمطران بطرس كرم البسكنتاوي رئيس أساقفة بيروت.

تنازعت القوّتان العظيمتان المتعادلتان الفوز بمنصب الرّئاسة العامّة: الأولى تريدها للأب بليبل، والثّانية للأب النّيحاوي. واشتدّ الخلاف وتطوّر إلى حدٍّ اضطُرَّ معه الكرسيّ الرسوليّ الرومانيّ إلى التّدخّل خوفًا من نتائج هذه البلبلة.

انتخاب شخص حياديّ

كانت مخابرات وفحوص وبحوث جعلت الكرسيّ الرسوليّ والبطريركيّة المارونيّة تتّفقان على انتخاب شخص حياديّ، يتصرّف بالأهليّة اللازمة والفضيلة الرّاجحة، ويرضى به الجميع، حفاظًا على وحدة الرّهبانيّة وصونًا لسمعتها. ورُؤيَ أخيرًا أنّ الفريقين يتّفقان على انتخاب الأب حليحل. فعُقد المجمع العامّ وانتُخب بإجماع الكلمة في 2 تشرين الثّاني سنة 1832. وكان انتخابه مصالحةً بين الحزبين المتنازعين.

 

وفاق ومحبّة

لم يطُلِ الأمر، حتّى وُفّق الأب العامّ الجديد، بفضل زهده وتجرّده ومحبّته للجميع، ومحبّة الجميع له بدون استثناء، وقدرهم قدره، لم يطل الأمر حتى وُفِّق في توطيد الألفة والمحبّة والوفاق بين الرّهبان، على أثر ذلك الهياج فالانقلاب. فكان عهد رئاسته القصير زاهرًا وخالدًا في جميع الأذهان، يتحدّث به الرّهبان حتّى الآن.

وقد عمل، لا للوفاق والمحبّة فحسب، بل للتّعمير والبنيان والإتقان. ففي عهده القصير، زادت أرزاق الرّهبانيّة وأديرتها، وكثر طالبو التّرهّب اقتداءً بالرّاهب المثاليّ. وممّا اشتُهر به أنّه لم يكن يفرّق نفسه عن مرؤوسيه، ولا بين الواحد منهم والآخر. ومن أقواله: "كلّنا إخوة متساوون، وكلّنا فعَلة في كرم الرّبّ".

وشاعت عنه أخبار بعض العجائب مدّة رئاسته العامّة. منها: أشفية كثيرة كانت تحصل خلال زياراته للأديرة في القرى المجاورة لها، بفضل بركة يده، أو بقوّة الماء الّذي كان يصلّي عليه، وتلك مقدّمات مستورة، لنتائجها مشهورة.

ولقد جرّب رجل الله المترجَم مرارًا أن يعتزل منصبه، وينزويَ في أحد الأديرة منصرفًا إلى الأعمال التّقويّة، جرّب أن يرجع راهبًا منسيًّا، يصلّي في خلوته لازدهار الرّهبانيّة. فلم تحزْ طلباته قبولًا، لا من رؤسائه ولا من مرؤوسيه.

 

ترشيحه من جديد

وما عتمت الأعوام الثّلاثة أن انقضت، فانعقد المجمع الرّهبانيّ في 2 تشرين الثّاني 1835، وحاول الرّهبان ترشيحه من جديد، على أن يصار إلى انتخابه أيضًا بالإجماع، فلم يقبل. وأصرّ في هذه المرّة على الرّفض، وعمل في سبيل الاتّفاق والألفة، فحصل على ما أراد.

 

انتخابه للمدبّريّة العامّة مرّتين

على أنّ رجال المجمع الّذين قبلوا منه أن يعتزل الرّئاسة العامّة، لم يقبلوا بالرّغم من توسّلاته إلّا أن يكون مدبّرًا عامًّا. فانتخبوه لهذه الوظيفة أوّلًا في السّنة 1835، وثانيًا في السّنة 1838. وألحّ الرّهبان عليه في مجمع سنة 1841 بقبول الرّئاسة العامّة أو المدبّريّة على الأقلّ للدّورة الثّالثة. ففضّل أن يعتزلهما؛ لكنّ السّلطة لم تشأ إلّا أن يعيش رئيسًا، فعيّنته على رئاسة دير مار سركيس وباخوس في قرطبا.

ولم يطل عليه الأمر حتّى اعتزل منصبه، بعدما قبل الرّؤساء تضرّعاته، وجعل إقامته في عدّة أديرة، وخصوصًا في تلك الّتي تحتاج إلى الإصلاح والتّرميم والتّعمير كدير مار ساسين في بسكنتا. فقد أقيم وكيلًا عليه لتدبير شؤون راهباته اللواتي أسّسهنّ مواطنه الكبير المطران يواصاف دبسي البسكنتاويّ، الّذي ذكرنا الخطوط الكبرى من ترجمة حياته في كتابنا "تاريخ بسكنتا وأسرها".

 

بعض المرويّات عن سيرته وأعماله

من المأثور عن سيرة الأب العامّ حليحل أنّه، برهانًا على تجرّده، لم يدخل بيته الوالديّ مطلقًا منذ انخرط في سلك الرّهبانيّة، بالرّغم من وجوده في غالبيّة الأيّام في بسكنتا حيث كان أهله يسكنون. على أنّ زياراته للنّاس وللمرضى على الأخصّ كانت متواترة. ومن المعروف عن تواضعه، أنّه خلال رئاسته العامّة، لم يكن يسمح لأحدٍ من الرّهبان بأن يدعوه رئيسًا عامًّا، بل أبًا عامًّا.

أمّا أعماله العمرانيّة في الدّير فهي مذكورة له حتّى اليوم. فإنّه قد أكمل ما كان قد بدأ به من تعميره وتأسيسه، وشغل أرزاقه وغرسها بنصوب التّوت والكروم. وكان ينقل التّراب مستعينًا ببعض الرّهبان لتتريب الأراضي الصّخريّة وجعلها صالحة للغرس والزّرع. وتلك الأراضي الّتي ترّبها وزرعها وغرس فيها النّصوب لا تزال تدرّ الخيرات على ديره وتنطق بجهوده.

 

وفاته وتسجيلها

وأخيرًا مات رجل الله الأب حليحل في دير بلدته الّذي تعب في تعميره وازدهاره. فدُفن مكرّمًا في مدفن إخوته الرّهبان. ولم ينتهِ الأمر. وكانت وفاته سنة 1864. وسُجّلت بكلّ بساطة في روزنامة دير مار ساسين بهذه الكلمات التي ننقلها بالحرف:

"بتاريخه قد درج بالوفاة لرحمة الباري تعالى الأب مبارك البسكنتاوي في نهاية الخامس عشر من شهر آب 1864، مسلّحًا بالأسرار المقدّسة اللازمة، بموتة صالحة، بحضور الآباء والإخوة في الدّير. وهذا الأب الفاضل عاش نحو خمسة وثمانين سنةً مزيّنًا في العالم وفي كلّ رهبانيّته بالفضائل وحفظ القوانين الرّهبانيّة. وبالنّتيجة كان نموذج الكمال الإنجيليّ، ليس أمام إخوته الرّهبان فقط، بل أمام العلمانيّين أيضًا. ما انسمع عنه أنّه تكلّم كلامًا يوجب الإثم. مثابرًا على الصّلوات العقليّة والتأمّلات الرّوحيّة، وقد انتخب رئيسًا عامًّا. وبعد انتهاء المجمع انتخب مدبّر مرّتين. وكان قبلًا تقلّد رياسة الأديرة، وكان ممدوحًا من الجميع، محبًّا للفقراء، وكان تشهد له العلمانيّين، من صلواته يشفى بعض المرضى وله أتعاب بدير بسكنتا هذا. وقد عمّره واشترى له أرزاق عندما كان رئيسًا عامًّا. وأخيرًا كان موته مطابق سيرته. غمده الله بالرّحمة والغفران. ورزقنا دعواته. آمين.       في 16 آب سنة 1864 اهـ".

 

ظواهر في قبره

بعد وفاة رجل الله المترجَم ودفنه، لم يطل الأمر حتّى أخذت تفوح من قبره روائح سماويّة، ويتصاعد منه دخان كدخان البخور، وتقطر عتبته ماءً في أيّام الصّيف، ولم يكن لها عهد بالماء من قبل. فسارت هذه الأخبار بين النّاس بسرعة عجيبة، وأخذوا يتقاطرون من الأنحاء القريبة ومن بعض البعيدة لزيارته والحصول على البركة من قبره.

وشاعت عجائب الأب حليحل بين ظهراني قومه، فتحدّث بها النّاس في كلّ بيت وفي كلّ مجتمع، وتجاوزت تخوم منطقته إلى الأماكن القاصية، فزحفت الجموع إلى التّبرّك بقبره، مستشفيةً وطالبةً الرّحمة من الله.

وكان في مقدّمة الوافدين إلى زيارة الضّريح المبارك رئيس الرّهبانيّة العامّ، المغفور له الأب أفرام جعجع البشرّاوي مع أركان رهبانيّته. فشهدوا بأمّ عيونهم وسمعوا بملء آذانهم ما يفيضه الله من المعجزات الباهرات على يد صفيّه البارّ. وبادر الأب العامّ إلى تسطير تلك الظّواهر الخارقة الّتي شهدها، والّتي رواها أمامه أبناء المنطقة من إكليروس وأمراء وأعيان، بحسب طريقة ذلك الزّمان، وكتب إلى المغبوط البطريرك بولس مسعد لافتًا نظره، طالبًا رأيه.

ومن المؤسف القول إنّنا قد بحثنا ونقّبنا، فلم نجد أثرًا خطّيًّا لأجوبة البطريرك على رسائل الأب العامّ، ولا لتقارير الفاحصين الّذين أرسلهم للوقوف على مجريات تلك الأحداث. ولقد اكتفينا بما وجدناه بين محفوظات الكرسيّ البطريركيّ في الأدراج الخاصّة بالمؤرّخ المدقّق الكبير البطريرك بولس مسعد، وهو كناية عن مجموعة تحتوي على رسالتين من الأب العامّ جعجع، تتبع كلًّا منهما لوائحُ تنطوي على عجائب المترجَم البارّ.

 

 

 

 

 

 

 

 

ثانيًا. رسالتا الأب جعجع إلى البطريرك مسعد واللوائح التّابعة لهما

قلنا ونزيد: كان من واجب الرّهبان والرّاهبات في دير مار ساسين في بسكنتا أن يُعلِموا رئيسهم العامّ آنئذٍ، الطّيّب الذّكر الأب أفرام جعجع البشرّاوي، بواقع الأعاجيب الكثيرة المتدفّقة من ضريح رجل الله الأب مبارك حليحل. فجاء الأب العامّ مع مدبّري رهبانيّته وأركانها مرّات إلى ذلك الدّير، وقد أخذتهم الدّهشة من تراكم الزّائرين وإيمانهم ونيلهم المطالب بقوّة ذلك الإيمان.

وقد كتب الأب جعجع إلى البطريرك مسعد عدّة رسائل، وجدنا منها اثنتين ملحقتين بلوائح مستعجلة، تُذكر فيها بعضُ الأعاجيب والأشفية الّتي كان المؤمنون وغير المؤمنين قد نالوها في السنتين ألف 1864 و1865 على يد الرّاهب البارّ.

إلى القارئ نصّ الرّسالتين والملاحق بلغتها وحروفها، عن الأصل المحفوظ في خزائن البطريركيّة المارونيّة، وقد قسمناها مقاطع ووضعنا لكلّ مقطع عنوانًا.

 

الرّسالة الأولى، 29 كانون الثّاني 1865

كُتب على ظاهر غلافها:

يتشرّف بلثم راحة قدس الأب الأقدس مارى بولس بطرس البطريرك الأنطاكيّ وسائر المشرق الكلّيّ الغبطة والقداسة، خلّد الله وجوده الشّريف للدّوام. آمين.

مقدّمتها

أيها الأب الأقدس. غبّ تقبيل ثرى مواطئ أقدامكم المقدّسة بكلّ خضوع واحترام، والتماس بركتكم الرّسوليّة، واغتنام رضاكم الأقدس للدّوام، وافتقاد الخاطر الخطير وهدوء البال المنير، فأتوسّل إليه تعالى أن تكونوا غبطتكم رافلون أسمى مراتب الرفاهية والإقبال.

الغرض منها

يعرض ولدكم: أنه ربّما بلغ مسامعكم الشّريفة العجايب الواردة من ضريح الأب مبارك حليحل البسكنتاوي مع الزّوّار الواردين إلى زيارة ضريحه يوميًّا من كلّ الطّوايف. وقد اشتُهرت هذه العجايب بتلك الناحية، حتّى أن صارت تتقاطر إلى هذا القبر الأنام من بعلبك وبلاد الشّام ومن المتن والقاطع وجرود كسروان القريبة.

الأب العامّ يشاهد بعينه

كما وبحضوري هناك كانت تتقاطر إلى زيارته الأنام من كلّ الطّوايف وينالون الأشفية التّامّة، وجملة أشخاص من الرّجال والنّساء نالت الشفا من أمراضهم بمعاينتي وحضوري وبدون واسطة أخرى، وأنا أوصيت الآباء مرشدين ديركم مارى ساسين أن يدوّنوا العجايب الّتي تتمّ على المقبرة حالًا.

طلب نقل الجثمان من المدفن العامّ

والآن تُقدَّم لي الورقة الواصلة طيّه، خلاف الورقة الأخرى المعلّم عليها بالأختام. فالآن وجب إعراضه به مترجّا مراحمكم، إذا لاق لديكم بأن يصدر أمركم بنقل جسد الأب مبارك المرقوم من الخشخاشة، وينعمل له قلّاية صغيرة قرب كنيسة الدّير، وينوضع في صندوق لئلّا يتلف من الشّتى.

إيمان الزّائرين

كون الزّوّار يحفرون تراب المقبرة يوميًّا آخذينه إلى محلّاتهم، والبعض يفتحون المقبرة ليلًا ويأخذون من جسده.

طلب الفحص

وإذا صدر أمركم بإرسال فاحص من كهنة كرسيّكم، يحضر للدّير المرقوم ويحقّق لديكم ذلك، فأترجا تعرّفوني خاطركم بهذا الأمر.

ختام الرّسالة

وغاية رجايي عدم هجري من رضاكم الأقدس ودوام تشريفي بمراسيم بركتكم الرسوليّة

فيما يبدو خدم. وبكلّ خضوع واحترام أكرّر تقبيل ثرى طواهر أقدامكم المقدّسة. وخلّد الله وجودكم الشّريف. آمين.

 

29 ك2 1865                     الختم                                   ولد غبطتكم                                                              

أفرام بشرّاوي

أب عامّ لبناني

 

 

الرّسالة الثّانية. تمّوز 1865

مقدّمتها

أيّها الأب الأقدس، غبّ تقبيل ثرى مواطئ أقدامكم المقدّسة بكلّ خضوع واحترام، والتماس بركتكم الرّسوليّة، واغتنام رضاكم الأقدس للدّوام، وافتقاد الخاطر الخطير، وهدوّ البال المنير، متوسّلًا إليه تعالى أن تكونوا غبطتكم رافلون أسمى مراتب الرّفاهية والإقبال،

 

تكرار المطالبة بالتّحقيق

يعرض ولدكم: قبلًا تقدّم منّي معروض لديكم، به قدّمت التّوسّل ليصدر أمركم بالفحص عن العجايب الصّادرة عن ضريح الأب مبارك البسكنتاوي، لكي بعد التّحقيق عليها قانونيًّا تسمحوا لنا بنقل جسده من الخشخاشة إلى مكان خارج كنيسة الدّير. وبوقته

صدر لنا مرسوم الجواب بأن سوف يصير الفحص من قبلكم عن ذلك.

المشاهدة العيانيّة أيضًا

والآن حيث حضرت أنا ولدكم للدّير المرقوم، وتحقّقت أنّ العجايب صادرة وتصدر يوميًّا عن ضريح الأب المرقوم، وذلك بدون عدد، مع جميع الطّوائف والملل القادمين من المحلّات البعيدة والقريبة مختلفي الأغراض والأوجاع، لزيارة الضّريح، ويرجعون متهلّلين مادحين شاكرين مراحم الرّبّ سبحانه لإحساناته إليهم، بالأشفية الصّادرة عن هذا الضّريح، لأنّ المقبرة المذكورة لا تخلو نهارًا وليلًا من الزّوّار الواردين أفواجًا إلّا قليلًا، ومن المعلوم أنّ هذه الأشفية والعجايب صادرة بنوع طبيعيّ ولا بآخر، كما تحقّقنا وشاهدنا عيانًا.

ذكر إجمالي لبعض العجائب

1. من الرّجل الّذي تقدّم الأعراض عنه قبلًا[2] الّذي كان حاصلًا بداء الفالج، من زمان ينيف عن الثّمان سنوات، عادم الحركة، يفي إلزام الطّبيعة من الأكل والشّرب بواسطة أهله، مطروحًا كلّ هذا الزّمان على فرشته، وكيف أنه بأوّل وصوله بأيدي النّاس الّذين حملوه إلى الضّريح، شُفي حالًا وبدون احتياج إلى زمن طويل، وكيف أنّه بدى

يمشي راقصًا أمامنا وأمام الجميع من غُرب وقُرب، وذهب إلى بيته صحيحًا معافًا.

2. والآن أيضًا، فضلًا عن العجايب العديدة الكلّيّة والجزئيّة، قد فحصنا عن قضيّة الطّفل الّذي كان ميتًا من ساعات، حينما وضعوه على الضّريح، عاد راجعًا إلى الحيوة كما يظهر من الشّهادة الواصلة طيّه.

3. ومن رجوع النّظر لإحدى الرّاهبات الهرمات، بعد فقدانه من زمان ينيف عن 18سنة، عند زيارتها الضّريح من ليوان الدّير.

4. والماء المصلّى عليه منه، حينما كان حيًّا، وصار زيتًا، وهو محفوظًا إلى الآن، ويصدر

منه أشفية وعجايب لا تحصى[3].

5. ومن الابنة اليابسة من داء الفالج، كيف أنها شُفيت، حينما وضعتها أمّها من نافذة الخشخاشة، وعادت صحيحة.

6. وعجايب أخر عديدة صادرة مع طائفة الرّوم من بسكنتا، أعدلنا عنها خوفًا من الإطالة.

طلب نقل الجثمان تكرارًا

فلأجل الفحص عن ذلك، وجب تقديم معروضي هذا، أترجّا من عواطفكم الأبويّة أن تسمحوا بنقل التّابوت من محلّه إلى محلّ قلّاية خارج الكنيسة، لتحفظ العظام من الآخذين منها خفية.

 

أهل بسكنتا يشتركون بهذا الطلب

وقد حضر عندنا جمهور من بسكنتا، من أمراء وكهنة وأوجه، موارنة وروم، وسألونا عن ذلك مرارًا.

ختام الرّسالة

هذا ما وجب إعراضه لديكم، ورجاي الأعظم عدم هجري من رضاكم، ودوام تشريفي بمراسيم بركتكم الرّسوليّة، معما يبدو خدم، وبكلّ خضوع واحترام، أكرّر تقبيل ثرى

 مواطئ أقدامكم المقدّسة، وخلّد الله أيّام رئاستكم.  

        تمّوز 1865                الختم                                     ولد غبطتكم

أفرام بشراوي

أب عامّ لبنانيّ

 


ثالثًا. عجائب رجل الله حليحل

 

1)    نقلًا عن اللوائح التي أرسلها الأب العامّ جعجع إلى البطريرك مسعد

 

- اللائحة الأولى

أُرسلت اللائحة التّابعة إلى غبطة السّيّد البطريرك، في ذيل إحدى رسائل الأب العامّ، ممهورة بتواقيع وأختام أمراء بسكنتا اللمعيّين، وبعض كهنتها ووجوهها، ومنهم أسماؤهم غير مقروءة، ننشرها بالحرف، ذاكرين في الذّيل بيانًا مختصرًا عن الأمراء اللمعيّين البسكنتاويّين. وهذه هي اللائحة:

 المجد لله ربّ العالمين.

شرح العجايب والمعجزات الصّادرة عن ضريح الأب مبارك البسكنتاوي الرّاهب اللبنانيّ الكاين بدير مار ساسين بسكنتا.

رجل الله يُحيي ولدًا ميتًا

إنه في اليوم الرّابع من شهر تموز الواقع سنة 1865 خمسة وستّين وثمانماية وألف، حضرة أمامنا حرمة سليمان علم[4] من المحلّ المذكور، وأقرّت أن الطّفل ولدها حين كان مريضًا، قد وُجد ميتًا فاقد الحيوة، فحين نظرته والدته المذكورة، فحالًا حضرة به لضريح الأب المرقوم، وأرمته على القبر، ووضعت عليه قليلًا من التّراب الموجود في الضّريح. فعند ذلك كانت حرمة الياس الخوري مارون [أبي ناضر] مارّة على طريق المقبرة، فوجدة الولد مرمي مايتًا، وصارت تعزّي والدته. فبتلك السّاعة نفسها، أخذ الولد يختلج ويتحرّك بالتّدريج. حينئذٍ ندهت [نادت] والدة الصبيّ لعندها، وسلّمتها إياه حيًّا. حتّى الآن بحالة الصّحّة والسّلامة. هذا الّذي تقرّر قدّامنا. والحمد لله ربّ العالمين.

       بنده                                         بنده                            كاتبه

 سلطان طروده أباللمع                       حسن أبللمع                       ممحوّ[5]

 

      بنده                                        بنده                               بنده

قيس قاسم أبللمع                    فارس طروده أبللمع                يوسف طروده أبللمع

 

     محرّره  

   ساسين غانم                           الخوري طوبيّا                    الخوري مارون الحاجّ

يشهد بصحّة ذلك                      الحدثي بسكنتا                          بسكنتا

 

 

-     اللائحة الثّانية 

      (امرأة تشفى من داء الفالج – ماء غزير يرشح من عتبة

المقبرة – دخان وروائح سماويّة تصعد من الخشخاشة)

1.   امرأة تُشفى من الفالج [6]

حصلت أعجوبة في اليوم التّاسع من شهر تمّوز 1865 مع امرأة من موارنة بسكنتا. وهي أنّه من مدّة اثني عشر يومًا، حصل لها مرض "اللقوة"، وحلّ على جنبها اليمين، حتّى أضحى يابسًا مع مرافقة الألم الشّديد. وامتدّ هذا الوجع إلى يدها حتّى أضحت يابسة، مردودة إلى صدرها، مقطوبة من الكوع، مع مرافقة الورم الزّائد والألم. فاستدعت الأطبّاء وما استفادت منهم شيئًا. وبقيت على هذه الحالة المؤلمة اثني عشر يومًا. ففي اليوم التّاسع من الشّهر المذكور، حضرت إلى ضريح الأب مبارك المرقوم، وتوسّلت بنوال الشّفا، فحالًا وبمرور بضع دقايق، انحلّت يدها "من القطب" والورم، وزال الوجع من جنبها ويدها وكلّ جسمها، وعادت صحيحة مشفيّة. واستدعت بعض القسوس وبعض الرّاهبات وأخبرتهم بالأعجوبة. وأحد القسوس استدعى كهنة وعوامّ موارنة وروم ليسمعوا تقرير المرأة المشفيّة. وقرّرت أمامهم هكذا. والبعض منهم أخبرونا أنّها كانت حصلت بخطر كلّيّ لتلف يدها وجنبها (ا هـ)

 

2.   ماء غزير يرشح من عتبة المقبرة

إنّه في اليوم الثّامن من تمّوز 1865، حضر بعض الزّوّار إلى ضريح الأب حليحل ملتمسين الشّفاء. وفي الحال بدت عتبة الخشخاشة ترشح ماء غزير، حتّى إنّه جمعوا منه في الخرق والمناديل جانب من الماء ليس بقليل، مع أنّ العتبة المذكورة صارت فالتة من كلّ جانب. حيث إنّ الزّوّار آخذين التّراب من جوانب العتبة، وباين الأضوية من حولها بأسرها. ومن ذلك اتّضح أنّ هذا الماء بأعجوبة. وقد صار هذا الأمر مرّة أخرى قبل هذه المرّة.

وهذا شاهده أغلب جمهور الدّير، من كهنة وإخوة وراهبات، وبواسطته حصل الشّفا إلى كثيرين. (ا هـ)

 

3.   دخان وروائح سماويّة

أخبرنا جمهور الدّير، وهو من مدّة شهرين على الفور، صعد من الخشخاشة دخان مع روائح سماويّة استقامت نصف ساعة، وتقاطر إلى هذه الأعجوبة جمهور غفير من الضيعة وشاهدوا هذه الأعجوبة. (ا هـ)

-     اللائحة الثّالثة

عجايب الّتي انظهرة عن يد الأب مبارك بسكنتاوي، وكان انتقاله في 15 آب 1865.

  (شفاء ولد مشرف على الموت - شفاء ابنة مقعدة - شفاء مشرف على الموت أيضًا - إحياء ولد من الموت - شفاء راهبة من العمى - عقيم ترزق ولدًا - أيضا عقيم ترزق ولدًا - امرأة فيها مرض مزمن شُفيت - امرأتان مريضتان تشفيان بالماء الذي باركه رجل الله - رائحة بخور تصعد من القبر - امرأة مصابة بالجذام تشفى - خابية دبس تفور حين وُضع فيها من الماء المبارك - امرأة جنبها يابس تشفى - امرأة مصابة بالفالج تشفى - ابنة مصابة بالبرديّة تشفى - أميرة مصابة بالحمى المثلّثة تشفى)

1.    إنّ يوسف حبيقة[7]من المحلّ المرقوم أشرف على الموت، حين ندرة والدته شُفي حالًا.

2.    بنت إبراهيم الخوري جرمانوس من المحل كانت مكرسحة، مكبوسة، حين الذي أخذة تراب القبر شفيت.

3.     ابن نصر الله حرب من المحل المذكور كان أشرف على الموة، حين نضرت عنه والدته شفي.

4.     ولد سليمان صادق (العلم) كان مات. حملته والدته إلى القبر. عاد حيّ.

5.    الأخت شموني [إحدى راهبات دير مار ساسين] كانت عمياء. زارت القبر أبصراة.

6.    حرمة مرهج (الغصين) من عين القبو، ما كانت تولد من برهة عشر سنين، حين زارة أعطاها.

7.    حرمة غالب من بيره[8] ما كانت تولد من سبع سنين. أخذة بركة من القبر أعطاها.

8.    حرمة ساسين كان فيها مرض شفيت.

9.    حرم اتنين. أخدو ماء مصلّى، شفيوا.

10.     نهار عيد مار أنطونيوس صار في القبر دخنة بخور ساعدة (صاعدة) منه نحو نصف ساعة. وشاهدوها الجميع.

11.     حرمة عبود صابر (غانم) كانت في مرض جذام. حين زارة وأخدة تراب دهنة حالًا شفية.

12.     روكس المدوّر وضع ما مصلّا في خابة دبس. فارة.

13.     حرمة مرعي بو ملهب من كفرتيه كان جنبا (جنبها) يابس. حين زارة القبر شفية.

14.     حرمة طالب التّنّوري كان نازل عليها فالج، حين زارة شفيت.

15.     ابنة يوسف طنّوس البسكنتاوي[9] من عجلتون. كانت تبرد في الدّور. حين الّذي زارة شفية.

16.     بنت الأمير منصور (بللمع) كانت تبرد مثلّثه (حمّى تزور كلّ ثلاثة أيّام). حين زارت القبر شفيت. (أهـ)

 

-     اللائحة الرّابعة

نبذة أخرى من عجايب الأب مبارك بسكنتاوي

(شفاء رجل من الفالج - شفاء رجل مبتلى بأمراض صدرية مزمنة - شفاء أميرة مصابة في عينها).

1. الأعجوبة الأولى التي تمّت مع الرجل الذي يسمّا موسى سعد الله (النّجّار) من بسكنتا. فهذا مبتلى بداء الفالج، وبقي مطروح بالفرشه مدّة ثمانية سنوات لا يستطيع النهوض من فرشته بكلّ هذه المدّة. ففي اليوم الثّالث من تشرين الأوّل 1865 قصد ضريح الأب مبارك حليحل، وبوصوله للضريح نهض مشفيًّا صحيحًا، وبدى يمشي أمام الجميع. وبما أن كان ذلك النهار عيد القديس جرجس الشّهيد، وكان موجود جمهور غفير قرب المقبرة، وشاهدوا هذا الحادث الّذي تمّ بحضور رئيس الرّهبانيّة اللبنانيّة وجمهور الرّهبان والرّاهبات، والجميع كانوا يمجّدون الله ويمدحون الآب الطوباويّ المرقوم.

ويشهد بحقيقة ذلك الأمير سليم وأخوه جهجه (بللمع).

2. الثّانية تمّت مع طانيوس إبراهيم (علم أو حبيقة) الّذي كان مبتلًى بأمراض صدريّة قويّة جدًّا. فهذا حضر لزيارة القبر المرقوم. وبقدرة الله عاد مشفيًّا حالًا. وما عاد شعر بمرض بتّة. كما أنّ كثيرون يتقاطرون من بعض جهات مبتلين بأمراض مختلفة، وكانوا ينالون الأشفية من أمراضهم.

3. الثّالثة الّتي تمّت مع السّتّ شمس حرمة جناب الأمير سليم فارس. فهذه كانت مبتلاة بمرض في عينها. فلمّا نامت على قبره واندهنت من الما المبارك منه، فحالًا شفيت.

                              الختم                      ناطقًا هذه الشّهادة

                                                           الأمير سليم علي

 

 

-     اللائحة الخامسة

نبذة أخرى من عجايب الأب مبارك حليحل، ترويها راهبات دير مار ساسين في بسكنتا، نقلًا عن معلومات الرّاهبة بلاجيا يوسف جهجاه الحاج، معاصرة رجل الله.

(همهمة ورائحة بخور. ماء يرشح من حائط المدفن الأمامي)

1.   همهمة ورائحة بخور

     إلى مدّة طويلة بعد وفاة رجل الله مبارك حليحل، كان جمهور دير مار ساسين يسمع في صباح كلّ يوم، في مثل الوقت الّذي كان يقيم فيه رجل الله الذّبيحة الإلهيّة، همهمة صوته في المدفن، كأنّه يقدّس. وكانت تفوح آنذاك في الضّريح رائحة بخور طيلة مدّة الهمهمة.

 

2.   ماء يرشح من المدفن

 كان حائط المدفن الأماميّ يرشح ماء، يتلقاه أحيانًا وعند الحاجة الرّاهبات والأب دنيال الحدتي وكيل الدّير، ويرشّونه على دود القز والمزروعات، فتُصان من جميع الآفات والمضرّات.

 

2)  من عجائبه في دير مار ساسين وبسكنتا ومنطقتها

 أنّ في ما يرويه شيوخ البلدة وعجائزها عن سيرة مواطنهم الأب العامّ حليحل ما يشبه الأساطير، ولو كان لا يخرج عن نطاق الحقيقة. فلم أسأل أحدًا من أولئك الذين يكبرونني سنًّا، إلّا أخبرني بالعجائب الكثيرة الّتي كان قد اجترحها هذا الرّجل البارّ: شفاء مرضى، رجوع غائبين، توفيق في أسفار إلخ... وما يزال النّاس حتّى اليوم يروون كثيرًا من عجائبه في الآونة المتأخّرة، وبالطّبع ليست هذه العجائب مندرجةً في ملاحق الأب العامّ جعجع، لذلك رأينا أن نذكر بعضها، بعدما أوردنا تلك الوثائق الرسميّة الّتي دخلت في التّأريخ الصّحيح:

1.   إتلاف الفأر في بيت الشّريك

كانت الفأر تسطو في كلّ سنة على دود القزّ عند أحد شركاء الدّير، فتهلكه. فجاء ذلك الشّريك إلى الدير وأخبر راهباته. فطلبن إلى الأب مبارك أن يصلّي على ماء، ففعل. فأخذه الشّريك ورشّه في بيت القزّ، فانقطع الفأر تمامًا.

 

2.   فوران القمح وازدياده

كانت راهبات الدّير يغربلن الحنطة لخزنها مؤونة للشتاء، فمرّ الأب حليحل أمامهنّ. حينئذ قالت له إحدى الرّاهبات: "يا محترم، إنّ القمح الّذي عندنا في هذه السّنة لا يكفي لمؤونتنا. فنحن سنجوع". فرفع المترجَم يده وبارك بها مستودع القمح. وكانت الرّاهبات قد وضعنَ فيه شيئًا، فأخذت الحنطة تفور من فوهته العليا، وظلّ ممتلئًا. فاضطُرّت الرّاهبات إلى تدبير صندوق آخر لإيداع القمح الّذي كنّ يشتغلنَ بغربلته.

 

3.   شفاء وكيل الدّير من آلامه العصبيّة

من مرويّات الأمّ مريم الحاج، الرّئيسة السّابقة لدير مار ساسين في بسكنتا، والأخت ماري جوزيف حبيقة، أنّ الأب أرسانيوس سلامة المتيني، وكيل الدّير الأسبق، كان مبتلًى بآلام عصبيّة شديدة الوطأة في رجله، وحالما دهنها بالماء المبارك بصلاة الأب حليحل والمحفوظ في الدير، شفيت رجله تمامًا.

 

4.   شفاء مريض في خطر

ومن مرويّات الأم إنياس الخوري حنّا، رئيسة الدّير سابقًا، أنّ أحد أنسبائها، يوسف

حنّا عبس الخوري حنّا، أصيب بمرض خطير أعيا الأطبّاء، وكان قد أشرف على الموت. فرشّت عليه بيدها من ذلك الماء المبارك، وللحال تماثل للشفاء، بين عجب الطّبيب والحاضرين.

(وهاتان الأعجوبتان الأخيرتان لم يمرَّ عليهما أكثر من عشر سنوات. وهما مشهورتان في بلدة المترجَم).

 

5.   شفاء مشرفٍ على الموت أيضًا

ومن عجائبه الّتي يتناقلها أبناء بلدته أيضًا، أنّ سعيد حنّا كنعان عبدو من بسكنتا، إذ كان طفلًا، أشرف على الموت إثر مرض عضال. فنذرت والدته للقديس ثلاث شجرات من التّوت. فعاد صحيحًا معافًى.

 

6.   شفاء بغلة عمياء

كان للوجيه الفاضل المرحوم حنّا راشد نجيم من كفرتيه بغلة من أجمل البغال. فعميت ولم تنجع بها الحيل. فسار صاحبها على خيرة الله قائدًا بغلته لزيارة ضريح الرّجل البارّ. وقبل أن يصل إلى الدّير، أخذت الدّموع تسيل من عيني البغلة. وما إن بلغ الضّريح وقبّله، حتّى سقط من عينيها شيء يشبه القشرة البيضاء، وشُفيت تمامًا.

(أثبت الحادثتين - هذه وسالفتها - شقيقُنا المرحوم الأباتي يوسف عيد حبيقة في مفكّراته. والحادثة الثّانية سمعها بأذنه من فم صاحب البغلة).

نذكر كلّ ما تقدّمَ أمثالًا على مرويّات وظواهر عديدة تحتاج إلى إثبات. ولو شئنا أن نلتقط من أفواه النّاس جميع ما يروى من هذا القبيل، لاحتجنا إلى مجلّد ضخم.


رابعًا. نقل الجثمان إلى غرفة خاصّة

يبان من رسالتَي الرّئيس العامّ اللبنانيّ، الأب أفرام جعجع البشرّاوي، أنّه طلب أوّلًا وثانيًا نقل جثمان رجل الله البارّ من الخشخاشة، وهي المدفن العامّ للرّهبان، إلى "قلّاية صغيرة تنعمل له قرب كنيسة الدّير، ويوضع في صندوق".

وإننا نأسف لعدم عثورنا على جواب المغبوط المغفور له ثلاثًا البطريرك بولس مسعد بهذا الشّأن، ولا في أديرة الرّهبانيّة ولا في سواها.

على أنّه من الثّابت أنّ الكرسيّ البطريركيّ قد اهتمّ بالأمر، وأرسل إلى دير مار ساسين في بسكنتا من فحصوا عن المعروض في رسالتَي الأب العامّ، واستجاب الطّلب بنقل الجثمان.

وبرهاننا أنّ الجثمان قد نُقل فعلًا من المدفن العامّ إلى غرفة خاصّة إلى جانب مدخل الكنيسة، وقد تمّ نقله باحتفال كبير، شهدته الجماهير الغفيرة، ولا تزال أخبار ذلك الاحتفال منتقلة من فم إلى فم حتّى اليوم.

وقد دلّ السّماح بنقله دلالةً واضحةً على اقتناع السّلطة الكنسيّة العليا في الطّائفة آنئذٍ بأنّ هذا الجثمان لم يكن جثمان راهب عاديّ.

 

 

فتح الغرفة مرّتين

-      المرّة الأولى سنة 1927

منذ انتقل الأب مبارك حليحل إلى رحمته تعالى، ما يزال عبق طهارته وذكر عجائبه، في حياته وبعد موته، حديث زائري بسكنتا وديرها من بطاركة وأساقفة وكهنة وعوامّ؛ لكنّ السّلطات الروحيّة كانت قد أغفلت أمره حتّى السّنة 1927، إذ أوفدت كاهنًا من الآباء اليسوعيّين للبحث مجدّدًا عن حياة رجل الله البارّ وعجائبه، وللكشف عن جثمانه.

فاطّلع الموفد على ما هو مسجّل عنه من الخوارق، وفتحَ التّابوت بحضور الرّهبان والرّاهبات، ففاحت منه رائحة عطريّة ملأت ذلك الجوّ. ولم يكن باقيًا من الجثمان إلّا العظام، ولم يسلم من ثياب الميت غير زنّاره، وهو من الجلد الأسود، وثوب السّيّدة العذراء مدلًّى على صدر ذلك الهيكل العظميّ. فتُركت شريطة الزّنّار في مكانها. وأخذَت الأمّ مريم الحاج رئيسة الدّير آنذاك ثوب السّيّدة، وعلّقته في عنقها مدّة، ثم اضطُرّت إلى توزيعه بركةً وذخائر. أمّا الموفد، فقد كتب تقريره بحضور الرّهبان والرّاهبات أيضًا، ورفعه إلى السّلطات العليا، ولم تظهر نتيجته حتّى اليوم.

-      المرّة الثّانية سنة 1937

ثمّ جاء إلى لبنان في السّنة 1937 كاهن يسوعيّ من علماء الآثار، وهو الأب فرنكلين أوينغ[10] Franklin Ewing. فأجرى حفريات في أنطلياس توصّلًا إلى درس الهياكل البشريّة

لمعرفة أعمارها. وفي بسكنتا درس هيكل الخوري موسى كرم، النّائب البطريركيّ الشّهير في دمشق، الّذي لا يزال جثمانه حيًّا. وتوجّه إلى دير مار ساسين، فكشف ضريح الأب حليحل، ونظّم هيكله العظميّ. وقد وجد أنّ فقرة واحدة من فقرات ظهره مفقودة. ولا يُعلم من أخذها بركةً عند الكشف عن الجثمان في المرّة الأولى.

ومنذ ذلك التّاريخ، لا يزال الهيكل العظميّ المبارك محفوظًا داخل نعشه المقفل، ولا يزال المرضى والمتضايقون وسائر أصناف الزّائرين يقصدونه تبرّكًا واستشفاءً، ويقدّمون النّذور تعبّدًا واستنداءً.

 

 

خامسًا. كلمة عن أمراء بسكنتا اللمعيين

بمناسبة العلاقة بين هذه الأحداث الجارية وبين أمراء بسكنتا اللمعيّين، وجهائها في ذلك العهد، وحكّامها قبله، وبمناسبة شهاداتهم الصّادقة الّتي أدلوا بها شفاهًا وكتابة، أمام المراجع الدينيّة، بخصوص عجائب الأب مبارك حليحل، نذكر كلمةً وعدنا بها عن نسبهم.

ينتسب هؤلاء إلى الأمير أو المقدّم بللمع، الّذي يرتقي نسَبُه إلى الأمراء آل فوارس التنوخيّين الشّرفاء، من سلالة النّعمان بن المنذر، أحد ملوك الحيرة.

هجروا حلب سنة 1622. ثم جاؤوا لبنان قبائل تنوخيّة، عشرٌ منها: بنو أرسلان، وعبد الله، وهلال، وفوارس. وهؤلاء الآخرون عرفوا في ما بعد ببني بللمع أو أبللمع. ساعدوا الأمير حيدرًا الشهابيّ في دحر اليمنيّين وتحطيمهم[11] فوهبهم ثلاثة إقطاعات في المتن: صليما والمتين وبسكنتا.

فالأمراء الذين سكنوا بسكنتا وحكموها وحكموا ضواحيها هم أولاد الأمير فارس بن محمد بن بللمع سنة 1712، وأسماؤهم علي وملّا وحسن. من صلبهم اشتُهر فرسان ووجهاء لدى الحكّام، ورجالُ فكر، منهم الموقّعون في ذيل بعض اللوائح العجائبيّة المثبتة في هذه النّبذة.

وأحدهم الأمير حسن بن بللمع بن ملّا بن فارس، اشتُهر بوجاهته وثروته وسعة أملاكه. تولّى وكالة قائمقاميّة النّصارى من 14 أيلول 1858 إلى سنة 1861. ثم ولّاه داود باشا أوّل متصرّفي لبنان مديريّة بسكنتا، وكانت ممتدّة من الجبل حتّى ساحل البحر. والأمير سلطان بن طروده بن أحمد بن حسن بن فارس كان من مشاهير أمراء بسكنتا ذوي الفكر والرّأي والمشورة.

والأميران يوسف وفارس هما شقيقاه، وهذا الأخير كان من فرسان لبنان المعدودين الّذين أبلوا البلاء الحسن في مواقع عديدة.

وأخوهم الأمير أحمد طروده كان من ألمع أهل زمانه بالفروسيّة وضرب السّيف، رافقه البسكنتاويّون إلى مواقع زحلة وصليما ونابلس وعادوا بالظّفر.

والأمير قيس بن قاسم بن حسن بن فارس، كان أيضًا من الأمراء الوجهاء.

 

سادسًا. كلمة في دير مار ساسين العتيق والجديد في بسكنتا

مكتوب على بلاطة فوق مدخل كنيسة الدّير القديم (ولم يبقَ منه إلّا الكنيسة فقط) ما يلي:

"خلص عمار هذا الدّير المبارك على اسم القدّيس ساسين سنة 1751 مسيحيّة".

ساعد في بناء الدّير والكنيسة المطران يواصاف دبسي البسكنتاوي، رئيس أساقفة صور شرفًا، ثمّ مطران بسكنتا وتوابعها مدّة حياته، عاونه المدبّر نعمة الله النّجّار البسكنتاوي والرّهبانيّة اللبنانيّة.

وحوالي سنة 1756 كان المطران يواصاف المذكور قد باشر ببناء الدّير الجديد باسم الرّهبانيّة، وعندما أُنجز بناؤه نقل إليه راهباته.

وكانت للرّاهب العجائبيّ مبارك حليحل الحاج، في الدير الجديد هذا، أتعاب مشكورة ومذكورة في السّنة 1832 وما بعدها، عهد رئاسته العامّة.

وفي الآونة الأخيرة، وهبت الرّهبانيّة كنيسة دير مار ساسين العتيق لعائلة "العلم"، فجعلوا منها خورنيّة على اسم القدّيس أنطونيوس.

 

 

 

 

سابعًا. رهبان بسكنتا

الشّيء بالشّيء يُذكر. فبعدما انصرف هذا القلم من تحبير الكلمة الجامعة الموجزة عن أحد رجال الله الصّلحاء العجائبيّين، الأب مبارك حليحل، تخليدًا لذكره وأثره، ولفتًا لأنظار الرّؤساء والمرؤوسين إلى قدرة الله وحكمته ورأفته، الّتي تجلّت وسوف تتجلّى بمشيئته تعالى على يد صفيّه؛ بعد ذلك، رأينا من واجبنا، خدمة للتّأريخ الكنسيّ في هذه المنطقة، أن نجيء على ذكر إخوته الرّهبان البسكنتاويّين، وبخاصّة منهم كلّ عالم منتج، وكلّ شغّيل كدّيد وتقيّ ورع. أولئك الّذين انسلخوا مثله عن الحياة المادّيّة الطّموع، ليحيوا حياة سماويّة فاضلة ومثمرة.

وقد أخذنا أسماءهم وبعض مجريات أيّامهم باختصار عن كتابنا "تاريخ بسكنتا وأسرها"، وعن بعض تعليقات وضَعَها بشأنهم شقيقنا المحقّق المدقّق الأباتي يوسف عيد حبيقة، مبتدئين بمشاهيرهم، ومنتهين بجدول يثبت أسماءهم جميعًا. وربّما أفلت منّا اسم راهب أو أكثر لم نجده في روزنامات الأديرة اللبنانيّة. فيعذرنا التاريخ.

 

 

 

 

 

 

أولًا. رهبان بسكنتا الموارنة البلديّون

1. المطران يواصاف دبسي

وُلد سنة 1698. تتلمذ للّغوي الشّهير المطران جرمانوس فرحات. سيمَ كاهنًا بعد ترهّبه، وأُرسل إلى رومية رئيسًا لدير مار بطرس ومارشلّين. فلبث في وظيفته ثلاثة مجامع. في أثناء ذلك تعلّم وعلّم في مدرستنا المارونيّة هناك، فبرع في لغاتٍ عديدة، وأصبح علّامةً وركنًا قويًّا من أركان المنطق والفلسفة واللاهوت.

عاد إلى لبنان رفيقًا للسّيّد يوسف سمعان السّمعاني، لعقد المجمع اللبنانيّ بأمر الكرسيّ الرسوليّ سنة 1736. فكان فيه مديرًا للرّتب.

انكفأ ثانيةً إلى رومية، وكيلًا عامًّا للرهبانيّة، ومعلّمًا للدّارسين الإخوة في المدرسة الأوربانيّة.

سامه البطريرك يعقوب عوّاد سنة 1748 أسقفًا على صور شرفًا. جمع الرّاهبات اللائي وضع نظُمهنّ في دير مار مخايل في بنابيل قرب المتين. ثم انتقل بهنّ إلى دير مار مخايل وجبرايل في عين القبو، الّذي ابتناه واشترى له أملاكًا واسعة. وأخيرًا وهبه للرّهبانيّة الأنطونيّة، وهو معروف اليوم بدير مار سمعان. وعاد براهباته إلى بنابيل. نقل راهباته إلى دير مار ساسين القديم، الّذي وهبت الرّهبانيّة كنيسته منذ أعوام لآل علم، فحوّلوا اسمها إلى مار أنطونيوس. تعاون مع الرّهبانيّة ببناء دير مار ساسين الجديد، وأطلق عليه اسم "دير الصليب"، وسكن فيه نهائيًّا مع راهباته. وتوفّي ودُفن فيه في 26 حزيران سنة 1760.

عُرف المطران يواصاف في آخر حياته بلقب مطران أبرشيّة بسكنتا وتوابعها، بعد مجمع بقعاتة كنعان المنعقد سنة 1768 لقسمة الأبرشيّات المارونيّة. وبعد موته ضُمّت هذه

الأبرشيّة الصّغيرة التي أُنشئت له خاصّة إلى أبرشيّة دمشق.

ساس الرّاهبات من بعده أسقف، هو المطران روفايل الحاقلاني. ثم تناوب على خدمتهنّ وكلاء الدّير المتعاقبون.

كان مؤلّفًا كبيرًا. من آثاره المخطوطة: علم الفلسفة. اللاهوت النّظريّ في أربعة أجزاء. اللاهوت الأدبيّ. الإيساغوجي (مدخل المنطق). وكتاب مواعظه. وكان شاعرًا زجّالًا، ترك في هذا الفنّ مقاطع تأريخيّة، وترانيم روحيّة، ومراثي.

 

2. المدبّر نعمة الله النّجّار

ولد سنة 1740. كان من عيون الرّهبانيّة اللبنانيّة والطّائفة المارونيّة، ومن علماء الإكليروس المعدودين. ظلّ مدبّرًا أربعين سنةً متوالية. وعُيّن أمينًا لأسرار المطران مخايل الخازن، النّائب البطريركيّ المارونيّ، أيّام كانت البطريركيّة في عهدته حال غياب البطريرك يوسف التّيّان واعتزاله منصبه، وله هنالك آثار إداريّة جليلة. توفي سنة 1826 مدبّرًا في دير مار موسى الحبشي في الدّوّار قرب بعبدات. من صفاته: الغيرة والجرأة في مطالبته بالحقوق المهضومة. وبسبب جرأته، درجت في الرّهبانيّة هذه العبارة الّتي جرت مثلًا: "قام النّجّار يطالب بحقوقه".

 

3. الأب نعمة الله عبد الله أبو ناضر الثّالث

هو شقيق الفقيد الكبير الطّائر الشّهرة المرحوم طانيوس بك أبو ناضر. درس في الجامعة اليسوعيّة ببيروت. تعلم الفقه على أخيه وزاوله. انتظم في الآستانة بجمعيّة "تركيّا الفتاة". وكان من أركانها. كتب في صحف إسطنبول وبيروت ولبنان مقالات سياسيّة إصلاحيّة ثورويّة. هرب من وجه السّلطان عبد الحميد الثّاني إلى حلب، ودرس بزيّ راهب في مدرسة الأرمن الكاثوليك. تبرأ من التّهم الّتي نُسبت إليه. فترهّب في دير كفيفان. كان من علماء الرّهبانيّة وزعمائها، ومعلّمي إخوتها الدّارسين. اشتُهر بمقدرته اللغويّة والخطابة الارتجاليّة والشّعر في اللغة العربيّة. وكان يجيد الترّكية والفرنسيّة واللاتينيّة. مات في 20 أيلول 1922.

 

4. الأباتي يوسف عيد سليمان حبيقة

ولد في 7 شباط سنة 1878. تلقّن باكورة معارفه في مدرسة مار يوسف في بسكنتا، فبرع في العربيّة والسريانيّة الّتي صار في ما بعد من أقطابها البارزين. ترهب سنة 1893. اختير ليكون في عداد الإخوة الدّارسين في مدرسة دير مار قبريانوس في كفيفان، حيث امتاز بالإنشاء في اللغتين العربيّة والسريانيّة. أكمل دروسه في المدرسة اللبنانيّة في قرنة شهوان. فحاز على قسط وافر من آداب اللغتين المذكورتين. وعرف مبادئ اللغة الفرنساويّة، وتضلّع بالفلسفة واللاهوت.

أهّلته دروسه، وبخاصة مطالعاته الشّخصيّة، إلى وضع مؤلّفاته الكثيرة المشهورة. ونشأ في اللغة السّريانيّة شاعرًا مطبوعًا. علّم ناشئة الرّهبانيّتين الأنطونيّة واللبنانيّة بعد صيرورته كاهنًا سنة 1898.

عُيّن وكيلًا على مدرسة مار يوسف في بسكنتا مرارًا، فهدمها وبناها طبقتين، وجهّزها بالأثاث اللازم، وأجرى إصلاحات كثيرة في الكنيسة. رأس دير مار موسى في الدّوّار مرّتين، ودير مار ميخائيل في بنابيل في مجمع 1910. ودير مار أنطونيوس النّبع (بيت شباب) مجمع 1913. فكان بنّاءً واقتصاديًّا ومحسنًا ووفّاء ديون. عُيّن رئيسًا لمعاملة المتن، وأنهى حياته وكيلًا لمدرسة مار يوسف في بسكنتا حتّى السّنة 1944.

في غضون وكالته هذه، أنعم عليه صاحب الغبطة البطريرك أنطون عريضة بلقب أبّاتي، وباستعمال التّاج والعصا وصليب الصّدر في الأعياد الكبرى، جزاءً لجهوده في التّأليف والتّعمير، وخدمة النّفوس، وتعزيز اللغة السّريانيّة، ونبش دفائنها وكنوزها الأدبيّة. نال أوسمة عديدة، منها: وسام محامي الكنيسة والبابا. مدالية البابا بيوّس العاشر. وسام محامي القدّيس بطرس. مدالية الحبل بلا دنس.

أهم مؤلفاته: قاموس سريانيّ عربيّ صغير (منشور بالطبع). وموسوعة سريانيّة مخطوطة. الدّواثر السّريانيّة في لبنان وسوريا. مار افرام السّريانيّ والإفخارستيّا. مريم أمّ الله حقًّا. شهادات الكنيسة المارونيّة ببراءة العذراء من الخطيئة الأصليّة. الألقاب المريميّة في الكنيسة المارونيّة. ومن منشوراته: شرح الليتورجيّة، وكتاب الكهنوت لمار يوحنّا مارون، مع تعليقاته عليهما.

توفي في السّنة 1944. ولا يزال جثمانه في مدفن الرّهبان بمدرسة مار يوسف في بسكنتا غير بالٍ حتى اليوم.

 

5. الأب مبارك الخوري عبد الله حليحل الحاج  

درس في مدارس الرّهبانيّة وفي الجامعة اليسوعيّة في بيروت. فأنهى علومه وبرع بعدّة لغات. عُيّن وكيلًا على مدرسة مار يوسف في المتين، وكانت له منزلته. درّس النّاشئة الرّهبانيّة في غوسطا. اشتُهر بتضلّعه في الحساب ووضع فيه تأليفًا. توفّي مريضًا في دير بسكنتا سنة 1930.

هؤلاء الّذين ذكرنا حتى الآن، هم من علماء الرّهبانيّة. نذكر بعدهم:

 

1.   الأب دانيال العلم الأوّل

رأس دير سير في مجمعَي 1717 و 1723.

2.   الأب روفايل بو نصر النّجّار

عُيّن وكيلًا على دير مار ساسين. رأس دير الكحلونيّة. مات 1876.

3.    الأب برناردوس الدّبّور ضوّ الأوّل

كان طبيبًا. رأس دير الكحلونيّة سنة 1769، كان من أبطال المواقع. توفّي بدواء سامّ كان قد وصفه لأحد المرضى فمات. لذلك أحب أن يختبر مفعول الدّواء بنفسه. لكيلا يقال عنه إنه السّبب في وفاة المريض.

4.    الأب جراسيموس النّجّار

رأس دير مشموشة سنة 1790. عُيّن وكيلًا على دير مار ساسين سنة 1799. مات سنة 1818.

5.    الأب مخايل العلم

رأس دير بنابيل في مجمعَي 1817 و1826. توفّي في دير بسكنتا سنة 1836.

6.    الأب دانيال العلم الثّاني

رأس دير بنابيل سنة 1814.

7.   الأب اسطفان بسكنتا

رأس دير الكحلونيّة من سنة 1803 إلى 1806. ودير مشموشة سنة 1814.

 

8.    الأب نعمة الله أبو ناضر الأوّل

ابن الشّدياق جرجس، الّذي بدأ ببناء كنيسة القدّيس روكز في بسكنتا. فأتمّها من بعده ولده الخوري جرمانوس الأوّل، وجعلها خورنيّة ووقفيّة ذرّيّة. عُيّن وكيلًا على مدرسة مار يوسف في بسكنتا سنة 1818.

9.   الأب جبرائيل الجيد المدوّر

رأس دير سير سنة 1814. مات سنة 1852.

10.  الأب أغناطيوس علم خشّان الأوّل

     عُرف بالدرزي لجرأته وشجاعته. رأس دير قرطبا، وكان الأمير بشير الشّهابيّ الكبير يعتبر فيه جرأته وفراسته، فوكل إليه أمر الحكم المدنيّ في قرطبا وجوارها. فكان يحكم بالحبس والغرامات، ويفصل في دعاوى تلك الجهات. توفّي في دير مار ساسين سنة 1846.

11.      الأب غسطين ضاهر حليحل الحاج

     كان رخيم الصّوت، جميل الخطّ. من صفاته الجرأة والبطولة. رأس دير قبّيع، وأوكل على أنطش زحلة، وفتح مدرسة مار جرجس في بسكنتا، وعلّم فيها. مات في زحلة مصابًا بداء الجدري، أثناء قيامه بخدمة نفوس المجدورين سنة 1859. من آثاره الخطّيّة: روزنامة مار يوسف في بسكنتا، وقاموس سرياني - عربي صفحاته 160، وُجد في دير مار شعيا في برمّانا.

12.      الأب أمبروسيوس علم

     رأسَ دير سير، وعمّر له طاحونة مزرعة النّهر، بعد مصادمة قويّة مع المشايخ آل

عماد، عضده فيها الشّيخ بشير جنبلاط الشّهير. كان بطلًا جسورًا. عُيّن وكيلًا على مدرسة مار يوسف في بسكنتا مرّات. مات سنة 1859.

13.      الأب يوسف حبيقه الأوّل

     رأس دير بنابيل من سنة 1832 إلى 1835. مات في دير طاميش سنة 1859.

14.      الأب عمّانوئيل زغندي حبيقة

     رأس دير قبّيع. مات متدهورًا عن ظهر فرسه في وادي الجماجم سنة 1864. وقيل لحادث عداوة بينه وبين غير مسيحيّ، ترصّده وكان السّبب في تدهوره.

 

15.      الأب أنطونيوس جرجس حبيقة

       رأس دير بنابيل سنة 1835. وتوكل على مدرسة بسكنتا سنة 1841.

 

16.      الأب نعمة الله حرب

       شقيق غالب حرب (أوّل مدير لناحية بسكنتا بعد وضع البروتوكول اللبنانيّ سنة 1861). كان طبيبًا. مات في دير الكحلونية لشربه بالغلط دواء سامًّا كان يختبر مفعوله بنفسه قبل أن يصفه لغيره.

17.      الأب نعمة الله أبو ناضر الثّاني

     ابن موسى الخوري مارون أبو ناضر. رأس دير قبّيع ثلاثة مجامع، ودير الكحلونيّة ودير مار موسى في الدوّار ودير سير، وعُيّن وكيلًا على مدرسة بسكنتا. كان من وجهاء الرّهبانيّة وزعمائها. مات سنة 1897 في بسكنتا إذ حضر معزّيًا بابن عمّه الفقيه يونس أبو ناضر. ودُفن في مدرسة الرّهبان.

18.      الأب برنردوس الدّبّور ضوّ الثّاني

       عُيّن وكيلًا على مدرسة مار يوسف في بسكنتا، وترك لها مالًا استعان به الأباتي يوسف حبيقه على تجديد الأنطش.

19.      الأب غسطين يشوع الخوري حنّا.

     كان فاضلًا تقيًّا شغّيلًا. رأس دير قبيع. عُيّن وكيلًا على دير مار ساسين. أُعطي من الرّؤساء وثيقةً تجيز له الانتخاب سواء كان رئيسًا أم لم يكن، ذلك جزاء فضيلته. مات سنة 1926.

20.      الأب مبارك أبي واصاف الخوري حنّا

     كان فاضلًا شغّيلًا. مات في دير مار ساسين سنة 1926.

21.      الأب أنطون الخوري طوبيّا الحدثي

     خدم في أنطش مار يوسف في بسكنتا وفي رعيّة بمريم في المتن مدّة طويلة. مات سنة 1942 في دير مار ساسين.

22.      الأب عمّانوئيل يوسف الخوري جرجس الخوري حنّا

     عُيّن وكيلًا على مدرسة مار يوسف في بسكنتا. رأس عدّة أديار، منها دير مار يوسف في بحرصاف. هاجر إلى الولايات المتّحدة الأميركيّة متجوّلًا وعاد. ففُسّح له في أن يكون كاهنًا علمانيًّا. كان متعلّمًا ناهضًا تقيًّا.

23.      الأب مرقص البنّوت حبيقة

     كان طبيبًا. درس الطّبّ على أخيه بشاره البنّوت. من آثاره منسوخات قيّمة في علم الطّبّ.

24.      الأب جرجس فليحان القرطباوي

     رأس دير قرطبا. مات في دير مار مخايل في بنابيل.

25.      الأب عبد الله أبي واصاف الخوري حنّا

   رأس الدّير في قبرص ودير سير. عُيّن وكيلًا على دير مار ساسين في بسكنتا. كان شغّيلًا. اقتنى لدير بسكنتا أملاكًا واسعة.

 

 

ومن رهبان بسكنتا القدماء الفاضلين

 

1.  الأب افرام البسكنتاوي. لبس الإسكيم سنة 1724.

2.  الأب عبد الله ابن الخوري. ورد ذكره في بعض أوراق خطّيّة في دير مار ساسين سنة 1720.

3.  القسّ أو الخوري عطا الله علم. تعب في تأسيس دير مار ساسين القديم. ووقف له أملاكه سنة 1927. 

4.  الأب الياس بسكنتا. ذكرت وفاته في روزنامة مار أنطونيوس النّبع سنة 1729.

5.  الأب برتلماوس بسكنتا. مات سنة 1846.

6.  الأب أنطون مخايل أبو ناضر. نرجّح أنّه الأب أنطونيوس بسكنتا الّذي ذُكرت وفاته في روزنامة دير مار ساسين سنة 1854.

7.  الأب حنّا بو صعب طعمه. مات في الكحلونيّة سنة 1857.

8.  الأب إسكندر بسكنتاوي، معاصر الأب افرام بسكنتاوي. انضمّا معًا إلى الرّهبانيّة اللبنانيّة عند القسمة.

9.  الأب موسى حليحل الحاج. مات في دير الكحلونيّة سنة 1880.

10.     الأب يمّين طعمه. كان رخيم الصّوت. مات سنة 1915.

11.     الأب يوسف جرجس بشاره العلم.

12.     الأب مكسيموس حليحل الحاج.

13.     الأب جبرايل مخايل شاهين.

14.     الأب برنابا فليحان.

15.     الأب لويس رحّال شديد حبيقه.

16.     الأب طوبيّا حبيقه.

 

 

ومن رهبان بسكنتا اللبنانيّين الحاليّين

 

17.    الأب أغناطيوس بطرس علم

       راهب فاضل، عُيّن وكيلًا على مدرسة مار يوسف في المتين، فأنمى أرزاقها باجتهاده وخبرته في الشّؤون الزّراعيّة والاقتصاديّة. هو اليوم مرشد الرّاهبات اللبنانيّات في دير القنيطرة قرب بيت شباب، وهنّ فرع من راهبات دير مار ساسين.

 

18. الأب فرنسيس إبراهيم الخوري مارون أبو ناضر

       درس أوّلًا في مدرسة القدّيس بطرس في بسكنتا، وأكمل علومه في إكليريكيّة الجامعة اليسوعيّة، وخرج منها بارعًا باللغات العربيّة واللاتينيّة والفرنسيّة، وبالفلسفة واللاهوت. يدرّس الناشئة الرّهبانيّة في مدرسة الكسليك الكبرى قرب جونية، ويرجى له مستقبل كبير.

 

ثانيًا. رهبان بسكنتا الموارنة الأنطونيّون

 

1. الأب نقولا نصر أبي عسّاف الخوري حنّا

       وُلد سنة 1753. خدم راهبانيّته 46 سنة: مدبّرًا ورئيس أديار، ثم رئيسًا عامًّا. توفي في 12 كانون الثّاني 1817. وله في خدمة الرّهبانيّة آثار طيّبة. منها أنه بنى القسم الأكبر من دير مار أشعيا، مركز الرّئاسة العامّة، واقتنى للدّير أملاكًا واسعة؛ وأنّه بنى دير مار الياس في غزير، واشترى أملاكه؛ وأنه أغنى دير مار سركيس في إهدن ومار جرجس في عوكر بالأملاك والتّعمير؛ وبنى قسمًا كبيرًا من دير القلعة في بيت مري.

2. الأب إبراهيم نصر أبي عسّاف الخوري حنّا.

       ولد في بسكنتا سنة 1789. انتُخب رئيسًا عامًّا لرهبانيّته. فشرع في عمار الأديار والأناطيش والمدارس. عمّر كنيسة مار روكز في ضهر الحصين. وجدّد بناء دير مار سمعان في عين القبو. وبنى قسمًا كبيرًا من دير مار الياس في غزير، وقسمًا من دير مار أشعيا في برمانا. عمّر المطاحن في أنطلياس وزحلة. اشترى أملاكًا وافرةً للأديرة. بعد وفاته، ترك نقودًا ذهبيّة كثيرة، تولّى عليها الأب العامّ فيلبوس الحاج بطرس، فاشترى الأملاك في الدكوانة، وعمّر في دير القلعة، وباشر ببناء دير مار يوسف في بحرصاف.

       ولتلك الثّروة حكاية طريفة، وهي أنّ الأب إبراهيم، بعدما اعتزل الرّئاسة العامّة، أوصى بأن تُعطى ثروته للأب فيلبّوس الحاج بطرس متى انتُخب رئيسًا عامًّا. ولـمّا لم ينتخبه الرّهبان، حمل الأب إبراهيم ثروته الخاصّة، وأودعها في بيت شقيقه في بسكنتا موصيًا بالوصيّة نفسها، ومات في بسكنتا. وانتُخب الأب فيلبّوس رئيسًا عامًّا. فحملت أرملة شقيقه "خُرج" المال وأفرغته حتّى آخر فلس قدّام البطريرك يوسف الخازن، الّذي سلّم هذه التركة للأب العامّ بحسب الوصيّة. خدم الرئاسة العامّة أربعة مجامع، والمدبّريّة عدّة مجامع. مات سنة 1849.

3.     الأب سبستيانوس أبو خالد حريقة

اشتغل في دير مار سمعان في عين القبو.

4. القسّ سلوانس حريقة الأوّل

بدأ ببناء مدرسة مار عبدا في بسكنتا.

5. القسّ سلوانس حريقة الثّاني

أكمل بناء مدرسة مار عبدا في بسكنتا، وبنى الكنيسة حتّى الأعتاب.

6. الأب أنطونيوس حليحل الحاج

وكيل مدرسة مار عبدا في بسكنتا حتّى السّنة 1871.

7. الأب بطرس أبي عكر كرم

أكمل بناء كنيسة مار عبدا، ورأس دير مار سمعان في عين القبو.

8. الأب نقولا الياس ضاهر كتّاني

خدم قرية الحجّة في نواحي صيدا، وعُيّن وكيلًا على مدرسة مار عبدا في بسكنتا، وخدم النّفوس في حدث بعلبك. مات في أثناء الحرب العامّة الأولى.

ومن الرّهبان الإخوة في هذه الرّهبانيّة، الأخ سلوانس، شقيق القسّ نقولا، مات أيضًا في الحرب العامّة الأولى.

 

ثالثًا. رهبان بسكنتا الموارنة الحلبيّون

1.  الأب يوسف موسى نجم صفير. مرج بسكنتا

وُلد سنة 1887. قلّدته الرّهبانيّة عدّة وظائف. منها إدارة مدرستها، ورئاسة دير سيّدة اللويزة، والمدبّريّة العامّة. وكان يتمتّع بنفوذ كبير في الرّهبانيّة والأوساط الشّعبيّة. بنى كاپيلا صغيرة في مرج بسكنتا باسم "سيدة العطايا".

 

2. الأب لويس يوسف نجم صفير. مرج بسكنتا

وُلد سنة 1912. تعلّم العلوم الدّينيّة والفلسفيّة واللاهوتيّة في رومية. وبرع باللغات: العربيّة والفرنسيّة والإيطاليّة والإنكليزيّة والألمانيّة. رأس مدرسة اللويزة منذ السّنة 1942.

 

 

 

 

 

 

 

رابعًا. من رهبان بسكنتا

في الرّهبانيّة الباسيليّة الشّويريّة الروميّة الكاثوليكيّة

الأب بنادكتوس سلّوم عبده

هو من الرّهبان المثقّفين الّذين يتولَّون اليوم خدمة النّفوس والوعظ والإرشاد وتدريس النّاشئة في رعايا مختلفة.

 

وفي الرّهبانيّة الكبوشيّة اللاتنيّة

الأب موسى فارس الزّغبي

درس في مدرسة القدّيس بطرس في بسكنتا، وأكمل في فرنسا. نشأ عالـمًا واعظًا ملسانًا. يرأس دير الآباء الكبّوشيّين ومدرستهم في دير الزّور، من أعمال سوريا. غيور على صالح رهبانيّته. ومستقبله كبير.

 

 

خامسًا. من راهبات بسكنتا في دير مار ساسين

بلاجيا الحدثي + 1793. مريم النّجّار + 1800. ماريّا النّجّار + 1802. مباركة الحاج + 1809. بلاجيا حليحل + 1810. مرغريتا البعقليني + 1811. بريجيتا الخوري حنّا + 1813. لونجينا بصيبص + 1819. مارسيليا حرب + 1820. هيلانه التّنوري + 1822. جرتروده العلم + 1823. مريم مخايل العلم + 1823. عبدة المسيح بسكنتا + 1827. أتناسيا الخوري حنّا + 1828 أوجانيا النّجّار + 1830. أتناسيا الخوري حنا + 1830. أوفيميا التّنّوري + 1832. رسولة عبد الأحد (الحاج) + 1841. رسوله ساسين الحاج + 1844. أستير النّجّار + 1845. مريم عبّود حليحل + 1846. عبدة مريم علم + 1850. أناسيما النّجّار + 1850. مجدلانيّة أبي ناضر + 1858. مريم عبّود حليحل + 1864. أبركسيا حرب + 1864. أبركسيا حرب + 1871. حنّة الهراوي + 1874. أوجينيا حرفوش + 1882. يولينا أبي عكر+ 1886. مارينا الحاج + 1887. هيلانة مفرّج + 1888. راحيل الخوري مارون أبو ناضر + 1891. تاودورا أبي عكر + 1894. مريم قدسيّي حبيقة + 1898. عبدة الأحد الخوري حنّا + 1899. مارسيليا الخوري حنّا + 1899. هيلانة البلعة + 1899. يوكندا أبي عقده + 1900. عبدة المسيح الخوري حنّا + 1902. تاودورا أبي عكر + 1910. بلاجيا الحاج + 1910. تاناسيا البلعه + 1913. أستير + 1913. مجدلانيّه أبو ناضر + 1920. وردة مريم أبي عقده + 1922.

مريم الخوري عبد الله الحاج، ترهّبت سنة 1901. أوجانيا علم، ترهّبت سنة 1901. ماري جوزف ناصيف حبيقة، ترهّبت سنة 1927. مرغريت خطّار الحدثي، ترهّبت سنة 1927، وهي رئيسة الدّير الحاليّة. ماريا بولس شعيا ضوّ، ترهّبت سنة 1927. أنياس وهبه الخوري حنّا، ترهّبت سنة 1927 إلخ.

 

كلمتنا الأخيرة

إلى الاكليروسَين العلمانيّ والقانونيّ، وإلى جميع المؤمنين بقدرة الله ومحبّته، الّتي يظهرها بمشيئته على يد أصفيائه الأبرار، نرسل الكلمة الّتي تمكّنّا من جمعها ونشرها عن سيرة وأعمال وعجائب رجل الله العجائبيّ، مواطننا الرّاهب اللبنانيّ، الأب مبارك حليحل الحاج، متوخّين خدمة التّاريخ المارونيّ بجميع فروعه، ومن جميع مناحيه، لافتين أنظار الرّؤساء إلى ضرورة تخليد ذكرى هذا الرّجل البارّ، ليكون قدوة لغيره في الإكليروسَين العلمانيّ والقانونيّ.

أمّا أن يكون الغرض من نبذتنا هذه المطالبة بإعادة الفحص المدقّق، والمنسّق، والمبوّب - بحسب طريقة هذا الزّمان - عن مجريات حياته وخوارقه، والمطالبة بتطويبه، فذلك يعني غيرنا من رؤساء الرّهبانيّة اللبنانيّة، الّتي أنتجت وتظلّ تنتج للطّائفة المارونيّة وللدّين المسيحيّ رجالًا مذكورين بالفخر والإعجاب.

فنكرّر القول اذًا أنّ غايتنا لم تكن إلّا خدمةً للتّاريخ، وابتغاء لمجد الله أوّلًا وآخرًا.

 

 

 

 

 

 

فهرست

                                                                                   صفحة

تمهيد                                                                                    4

    إعلان                                                                                   7     

توطئة                                                                                   8

حياة المترجم                                                                           10

رسالتا الأب جعجع                                                                   20

عجائب رجل الله                                                                     26

نقل الجثمان                                                                          35

أمراء بسكنتا                                                                          38

                                   دير مار ساسين                                                                         40  

رهبان بسكنتا                                                                         41

البلديّون                                                                               42

الانطونيّون                                                                            52

الحلبيّون                                                                               54

من رهبان بسكنتا                                                                     55

راهبات مار ساسين                                                                   56

 

 

تمّ طبعه في مطابع المرسلين اللبنانيّين

جونيه - لبنان

كانون الأوّل ١٩٥٢



[1] الخزانة البطريركيّة في بكركي، جارور البطريرك يوحنّا الحلو عدد 1، الوثيقة 19 مكرّرة. صفحة 41.

[2]. في هذه العبارة دليل على كون الأب جعجع قد أرسل إلى البطريرك رسالة خاصّة بشأن الأعجوبة المذكورة الآن بطريقة إجماليّة في رسالته، والواردة باسم صاحبها في لائحة سنذكرها في ما يلي.

[3]. هذه الأعجوبة غير مذكورة في لوائح الأب العامّ جعجع التي أتبع بها رسائله إلى البطريرك، ونظنّ أن إحدى تلك اللوائح مفقودة، فكانت تحتوي على عجائب غير هذه؛ أما الماء المصلّى عليه، فهو محفوظ حتّى اليوم في دير مار ساسين، توزّع منه على الطّالب بعض القطرات، ويزاد بدلها ماء.

 

[4] . هذه الأعجوبة مكرّرة في البند الرّابع من اللائحة الثّالثة الآتي ذكرها باختصار. والمرأة هي زوجة سليمان أسعد صادق علم من بسكنتا، وما يزال أحفادها يروون الحادثة حتّى اليوم.

[5] . أمّا سبب محو الإمضاء من تحت كلمة كاتبه، في تقديرنا المرجّح، فهو أنّ كاتبه هو نفسه: ساسين غانم من وجهاء بسكنتا آنئذٍ. وقد محا اسمه بعد كتابته في ذلك المكان، احترامًا للأمراء الّذين وقّعوا هذه الشّهادة، ثمّ وضَعه في ذيلها.

[6] . ربّما كانت هذي الأعجوبة نفسها المذكورة في البند الرّابع عشر من اللائحة الثّالثة الآتي ذكرها، الّتي جرت لحرمة طالب التّنّوري. أحوجنا إلى هذا الإيضاح التّقديريّ كونها مذكورة هنا بدون اسم المرأة.

[7] . هو جدّ المرحوم المعلّم يوسف منصور بن يوسف حبيقة من بسكنتا من فرع النّبّوت.

[8] . لم يذكر الأب جعجع نسب المرأة. ونظنّه قد أخطأ بذكر اسم المحلّة. ونظنّها "الزّيرة" محرّف من جزيرة بخراج قرية كفرتيه.

[9] . هو يوسف طنّوس من آل منضور البحار، الّذين رحلوا من بسكنتا إلى عجلتون وأسّسوا هناك أسرة وجيهة عُرفت ببيت البسكنتاوي.

[10]. العالم فرانكلين أوينغ اليسوعي هو أحد مشاهير علماء وهواة الآثار السابقة للتاريخ في الولايات المتحدة، وأحد أصدقاء البلد اللبناني. اجتاز لبنان من شماليّه إلى جنوبيّه منقّبًا في بطون الأرض عن الآثار القديمة. وقد انتشرت بحوثه في أطروحته لنيل الدكتوراه ظهرت سنة 1950. اشتغل هذا العالم الأثري بصبر تكلّل بالنجاح في حفريات متعدّدة قرب انطلياس، التي يظن أنّها موطن الإنسان الأوّل. وكان أهمّ ما وجده، هيكل عظميّ لشاب قدّر عمره بـ 15 سنة تقريبًا، كان يعيش منذ 30 ألفًا من السّنين. فنظّم مع مساعديه ذلك الهيكل، وأعطاه اسم Egbert. وقد اختير المتحف اللبنانيّ ليكون له مقرًّا.

 

[11] . كان لبنان آنئذٍ منقسمًا حزبين: قيسي ويمني. نسبة إلى قيس ويمن في جاهليّة العرب.